فصل: من أقوال المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{ليكة} بلام مفتوحة بعدها ياء ساكنة وبفتح التاء على أنها ممتنعة من الصرف للعلمية والتأنيث، وكذلك في صاد: اي جعفر ونافع وابن كثير وابن عامر. الآخرون {الأيكة} معرفًا مجرورًا. {كسفًا} بفتح السين: حفص غير الخزاز. الآخرون بسكونها {ربي أعلم} بفتح الياء: نافع وأبو جعفر وابن كثير وأبو عمرو {ونزل به} مخففًا {الروح الأمين} مرفوعين: أبو جعفر ونافع وابن كثير وأبو عمرو وحفص وأبو زيد عن المفضل وزيد عن يعقوب. الباقون {نزل} مشددًا {الروح الأمين} منصوبين {أو لم تكن} بتاء التأنيث {آية} بالرفع: ابن عامر. الباقون بالياء التحتانية {آية} بالنصب: {فتوكل} بالفاء: أبو جعفر ونافع وابن عامر. الباقون بالواو {من تنزل الشياطين} بتشديد التاء وكذلك {تنزل} البزي وابن فليح {يتبعهم} بالتخفيف: نافع {وادي} بالياء في الوقف: يعقوب والسرنديبي عن قنبل وقرأ قتيبة بالإمالة.

.الوقوف:

{المرسلين} ج o {تتقون} o {أمين} o لا {وأطيعون} o ج {أجر} ج {العالمين} o ط {المخسرين} ج o {المستقيم} ج o {مفسدين} ج o {الأوّلين} o ط {المسحرين} o لا {الكاذبين} o ج {نصف آي القرآن} {الصادقين} o ط {تعملون} o {الظلة} ط {عظيم} o {لآية} ط {مؤمنين} o {الرحيم} o {العالمين} o {الأمين} o لا {المنذرين} o لا {مبين} o {الأولين} o {إسرائيل} ط o {الأعجمين} o لا {مؤمنين} o ط {المجرمين} o ط بناء على أن {لا يؤمنون} مستأنف للبيان ولو جعل حالًا فلا وقف {الأليم} o لا {لا يشعرون} o لا {منظرون} o ط {يستعجلون} o {سنين} o لا للعطف {يوعدون} o لا لأن قوله: {ما أغنى} جملة نفي أو استفهام قامت مقام الشرط {يمتعون} o ط {منذرون} o وقد يوقف عليها بناء على أن {ذكرى} ليس بمفعول له والمراد ذكرناهم والوقف على {ذكرى} جائز {ظالمين} o {الشياطين} o {يستطيعون} o ط {المعزولون} o ط {المعذبين} ج o {الأقربين} ج o للعطف {المؤمنين} o {تعملون} o ج {الرحيم} o لا {تقوم} o لا {الساجدين} o {العليم} o {الشياطين} o ط لانتهاء الاستفهام إلى الأخبار {أثيم} ج o بناء على أن {يلقون} حال من ضمير {الشياطين} أي تنزل ملقين السمع أو صفة {لكل افاك} وإن جعل مستأنفًا كأن قائلًا قال: لم تنزل؟ فقيل: يفعلون كيت وكيت فلك الوقف. {كاذبون} o ط {الغاوون} o ط {يهيمون} o لا {لا يفعلون} o {ظلموا} ط {ينقلبون} o. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176)}.
القصة السابعة: قصة شعيب عليه السلام:
قرئ {أصحاب الأيكة} بالهمزة وبتخفيفها وبالجر على الإضافة وهو الوجه، ومن قرأ بالنصب وزعم أن ليكة بوزن ليلة اسم بلد يعرف فتوهم قاد إليه خط المصحف حيث وجدت مكتوبة في هذه السورة وفي سورة ص بغير ألف لكن قد كتبت في سائر القرآن على الأصل والقصة واحدة على أن ليكة اسم لا يعرف، روي أن أصحاب الأيكة كانوا أصحاب شجر ملتف وتلك الشجر هي التي حملها المقل، فإن قيل هلا قال أخوهم شعيب كما في سائر المواضع جوابه: أن شعيبًا لم يكن من أصحاب الأيكة، وفي الحديث: «إن شعيبًا أخا مدين أرسل إليهم وإلى أصحاب الأيكة» ثم إن شعيبًا عليه السلام أمرهم بأشياء أحدها: قوله: {أَوْفُواْ الكيل وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ المخسرين} وذلك لأن الكيل على ثلاثة أضرب واف وطفيف وزائد فأمر بالواجب الذي هو الإيفاء بقوله: {أَوْفُواْ الكيل} ونهى عن المحرم الذي هو التطفيف بقوله: {وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ المخسرين} ولم يذكر الزائد لأنه بحيث إن فعله فقد أحسن وإن لم يفعله فلا إثم عليه، ثم إنه لما أمر بالإيفاء بين أنه كيف يفعل فقال: {وَزِنُواْ بالقسطاس المستقيم} قرئ {بالقسطاس} مضمومًا ومكسورًا وهو الميزان، وقيل القرسطون وثانيها: قوله تعالى: {وَلاَ تَبْخَسُواْ الناس أَشْيَاءهُمْ} يقال بخسه حقه إذا نقصه إياه وهذا عام في كل حق يثبت لأحد أن لا يهضم وفي كل ملك أن لا يغصب علية مالكه ولا يتحيف منه ولا يتصرف فيه إلا بإذنه تصرفًا شرعيًا وثالثها: قوله تعالى: {وَلاَ تَعْثَوْاْ في الأرض مُفْسِدِينَ} يقال عثا في الأرض وعثى وعاث وذلك نحو قطع الطريق والغارة وإهلاك الزرع، وكانوا يفعلون ذلك مع توليتهم أنواع الفساد فنهوا عن ذلك ورابعها: قوله تعالى: {واتقوا الذي خَلَقَكُمْ والجبلة الأولين} وقرئ {الجبلة} بوزن الأبلة وقرئ {الجبلة} بوزن الخلقة ومعناهن واحد أي ذوي الجبلة، والمراد أنه المتفضل بخلقهم وخلق من تقدمهم ممن لولا خلقهم لما كانوا مخلوقين، فلم يكن للقوم جواب إلا ما لو تركوه لكان أولى بهم وهو من وجهين: الأول: قولهم: {إِنَّمَا أَنتَ مِنَ المسحرين} {مَا أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُنَا} فإن قيل: هل اختلف المعنى بإدخال الواو هاهنا وتركها في قصة ثمود؟ جوابه: إذا دخلت الواو فقد قصد معنيان كلاهما مناف للرسالة عندهم السحر والبشرية وإذا تركت الواو فلم يقصدوا إلا معنى واحدًا وهو كونه مسحرًا ثم قرره بكونه بشرًا مثلهم الثاني: قولهم: {وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الكاذبين} ومعناه ظاهر، ثم إن شعيبًا عليه السلام كان يتوعدهم بالعذاب إن استمروا على التكذيب فقالوا: {فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مّنَ السماء} قرئ {كِسَفًا} بالسكون والحركة وكلاهما جمع كسفة وهي القطعة والسماء السحاب أو الظلة، وهم إنما طلبوا ذلك لاستبعادهم وقوعه فظنوا أنه إذا لم يقع ظهر كذبه فعنده قال شعيب عليه السلام: {رَبّى أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} فلم يدع عليهم بل فوض الأمر فيه إلى الله تعالى فلما استمروا على التكذيب أنزل الله عليهم العذاب على ما اقترحوا من عذاب يوم الظلة إن أرادوا بالسماء السحاب، وإن أرادوا الظلة فقد خالف بهم عن مقترحهم يروى أنه حبس عنهم الريح سبعًا وسلط عليهم الرمل فأخذ بأنفاسهم، لا ينفعهم ظل ولا ماء فاضطروا إلى أن خرجوا إلى البرية فأظلتهم سحابة وجدوا لها بردًا ونسيمًا فاجتمعوا تحتها فأمطرت عليهم نارًا فاحترقوا، وروي أن شعيبًا بعث إلى أمتين أصحاب مدين وأصحاب الأيكة فأهلكت مدين بصيحة جبريل عليه السلام وأصحاب الأيكة بعذاب يوم الظلة، وههنا آخر الكلام في هذه القصص السبع التي ذكرها الله تعالى في هذه السورة تسلية لمحمد صلى الله عليه وسلم فيما ناله من الغم الشديد، بقي هاهنا سؤالان:
السؤال الأول: لم لا يجوز أن يقال: إن العذاب النازل بعاد وثمود وقوم لوط وغيرهم ما كان ذلك بسبب كفرهم وعنادهم، بل كان ذلك بسبب قرانات الكواكب واتصالاتها على ما اتفق عليه أهل النجوم؟ وإذا قام هذا الاحتمال لم يحصل الاعتبار بهذه القصص، لأن الاعتبار إنما يحصل أن لو علمنا أن نزول هذا العذاب كان بسبب كفرهم وعنادهم.
الثاني: أن الله تعالى قد ينزل العذاب محنة للمكلفين وابتلاء لهم على ما قال: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حتى نَعْلَمَ المجاهدين مِنكُمْ والصابرين} [محمد: 31] ولأنه تعالى قد ابتلى المؤمنين بالبلاء العظيم في مواضع كثيرة وإذا كان كذلك لم يدل نزول البلاء بهم على كونهم مبطلين والجواب: أن الله تعالى أنزل هذه القصص على محمد صلى الله عليه وسلم تسلية وإزالة للحزن عن قلبه، فلما أخبر الله تعالى محمدًا أنه هو الذي أنزل العذاب عليهم، وأنه إنما أنزله عليهم جزاء على كفرهم، على محمد صلى الله عليه وسلم أن الأمر كذلك، فحينئذ يحصل به التسلية والفرح له عليه السلام، واحتج بعض الناس على القدح في علم الأحكام بأن قال المؤثر في هذه الأشياء، إما الكواكب أو البروج أو كون الكوكب في البرج المعين، والأول باطل، وإلا لحصلت هذه الآثار أين حصل الكوكب والثاني أيضًا باطل، وإلا لزم دوام الأثر بدوام البرج والثالث أيضًا باطل، لأن الفلك على قولهم بسيط لا مركب فيكون طبع كل برج مساويًا لطبع البرج الآخر في تمام الماهية، فيكون حال الكوكب وهو في برجه كحاله وهو في برج آخر، فيلزم أن يدوم ذلك الأثر بدوام الكوكب، وللقوم أن يقولوا لم لا يجوز أن يكون صدور الأثر عن الكوكب المعين موقوفًا على كونه مسامتًا مسامتة مخصوصة لكوكب آخر، فإذا فقدت تلك المسامتة فقد شرط التأثير فلا يحصل التأثير؟ ولهم أن يقولوا هذه الدلالة، إنما تدل على أنها ليست مؤثرة بحسب ذواتها وطبائعها، ولكنها لا تدل على أنها ليست مؤثرة بحسب جري العادة، فإذا أجرى الله تعالى عادته بحصول تأثيرات مخصوصة عقيب اتصالات الكواكب وقراناتها وأدوارها لم يلزم من حصول هذه الآثار القطع بأن الله تعالى إنما خلقها لأجل زجر الكفار بل لعله تعالى خلقها تكريرًا لتلك العادات، والله أعلم. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله تعالى: {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ} فيه خمسة تأويلات:
أحدها: أنه القبان، قاله الحسن.
الثاني: الحديد، رواه ابن المبارك.
الثالث: أنه المعيار، قاله الضحاك.
الرابع: الميزان، قاله الأخفش والكلبي.
الخامس: العدل.
واختلف قائلو هذا التأويل فيه هل هو عربي أو رومي؟ فقال مجاهد والشعبي: هو العدل بالرومية، وقال أبو عبيدة وابن شجرة: هو عربي وأصله القسط وهو العدل، ومنه قوله تعالى: {قَائِمًا بِالْقِسْطِ} [آل عمران: 18] أي بالعدل.
قوله تعالى: {وَلاَ تَعْثَواْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} فيه قولان:
أحدها: معناه ولا تمشوا فيها بالمعاصي، قاله أبو مالك.
الثاني: لا تمشوا فيها بالظلم بعد إصلاحها بالعدل، قاله ابن المسيب.
ويحتمل ثالثًا: أن عبث المفسد ما ضر غيره ولم ينفع نفسه.
قوله تعالى: {وَالجِبِلَّةِ} يعني الخليقة، قال امرؤ القيس:
والموت أعظم حادثٍ ** فيما يمر على الجبلة

{الأَوَّلِينَ} يعني الأمم الخالية، والعرب تكسر الجيم والباء من الجبلة، وقد تضمها وربما أسقطت الهاء كما قال تعالى: {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًا كَثِيرًا} [يس: 62]. قال أبو ذؤيب:
صناتا يقربن الحتوف لأهلها ** جهازًا ويستمتعن بالأنس الجبل

قوله تعالى: {كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: جانبًا من السماء، قاله الضحاك.
الثاني: قطعًا، قاله قتادة.
الثالث: عذابًا، قاله السدي، قال الشاعر:
وُدّي لها خالص في القلب مجتمع ** وودها فاعلمي كسف لما فوق

. اهـ.

.قال ابن عطية:

{كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176)}.
قال النقاش في مصحف ابن مسعود وأبي وحفصة {إذ قال لهم أخوهم شعيب}، قالوا ولا وجه لمراعاة النسب وإنما هو أخوهم من حيث هو رسولهم وآدمي مثلهم، وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر {أصحاب ليكة} على وزن فعلة هنا وفي ص، وقرأ الباقون {الأيكة} وهي الدوحة الملتفة من الشجر على الإطلاق، وقيل من شجر معروف له غضارة تألفه الحمام والقماري ونحوها، وقال قتادة كان شجرهم هذا دومًا، و{ليكة} اسم البلد في قراءة من قرأ ذلك قاله بعض المفسرين، ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام، وذهب قوم إلى أنها مسهلة من {الأيكة} وأنها وقعت في المصحف هنا وفي سورة ص بغير ألف، وقال أبو علي سقوط ذلك من المصحف لا يرجح النطق بها هكذا، لأن المصحف اتبع فيه تسهيل اللفظ، فكما سقطت الألف من اللفظ سقطت من الخط نحو سقوط الواو من قوله: {سندع الزبانية} [العلق: 18]، لما سقطت من اللفظ، وأما ترجيح القراءة في {ليكةَ} بفتح التاء في موضع الجر فلا يقتضيه ما في المصحف وهي قراءة ضعيفة، ويدل على ضعفها أن سائر القرآن غير هذين الموضعين مجمع فيه على {الأيكة} بالهمزة والألف والخفض، وكانت مدن القوم سبعة فيما روي ولم يكن شعيب منهم، فلذلك لم يذكر هنا بأنه أخ لهم وإنما كان من بني مدين ولذلك ذكر بأخوتهم، وجاءت الألفاظ في دعاء كل واحد من هؤلاء الأنبياء واحدة بعينها إذ كان الإيمان المدعو إليه معنى واحدًا بعينه، وفي قولهم عليهم السلام {ألا تتقون} عرض رقيق وتلطف كما قال تعالى: {فقل هل لك إلى أن تزكى} [النازعات: 18]. وكانت معصيتهم المضافة إلى كفرهم بخس الموازين وتنقص أموال الناس بذلك. والقسطاس المعتدل من الموازين هو بناء مبالغة من القسط، وذهب ابن عباس ومجاهد إلى أن معنى قوله: {وزنوا بالقسطاس} عدلوا أموركم بميزان العدل الذي جعله الله لعباده، وقرأ الجمهور {بالقُسطاس} بضم القاف من القُسطاس وقرأ عيسى وأهل الكوفة بكسرها، و{تعثوا} معناه تفسدون يقال عثا إذا أفسد، و{الجبلة} القرون، والخليقة الماضية وقال الشاعر: الكامل:
والموت أعظم حادث ** مما يمر على الجبلَّه

وقرأ جمهور الناس {والجِبِلة} بكسر الجيم والباء، وقرأ ابن محيصن والحسن بخلاف {والجُبُلة} بضمها، والكسف القطع واحدها كسفة كتمرة وتمر، و{يوم الظلمة} هو يوم عذابهم وصورته فيما روي أن الله امتحنهم بحر شديد، فلما كان في ذلك اليوم غشي بعض قطرهم سحاب فجاء بعضه إلى ظله فأحس فيه بردًا وروحًا فتداعوا إليه، حتى تكاملوا فيه فاضطرمت عليهم تلك السحاب نارًا فأحرقتهم من عند آخرهم، وللناس في حديث {يوم الظلة} تطويلات لا تثبت، والحق أنه عذاب جعله الله ظلة عليهم، وذكر الطبري عن ابن عباس أنه قال من حدثك ما عذاب يوم الظلة فقد كذب، وباقي الآية بين. اهـ.